Oct 20, 2009

تنفيس لا أكثر

بدئت أشفق على هذه المدونة لشدة مزاجية صاحبتها وتقلب مزاجها بين الحين والآخر.
حديثي هنا هو ليس محاولة مني للعودة إلى أجواء التدوين لأني لو أردت ذلك لفعلته منذ زمن كما أني لا أستطيع أن أجزم بأني لن أترك التدوين فأنا كما ذكرت مزاجية جداً. عموماً ما سأطرحه في هذه التدوينة هو عبارة عن "تنفيس لا أكثر" أو "فشت غِل" بالعامية, لأمور كثيرة تضايقني كثيراً. لذا فمن لديه حساسية تجاه النقد أو لا يطيق النقد فهذه التدوينة لا تصلح له.
*****
أكثر شيء يثير سخطي تجاه المجتمع السعودي هي النظرة السطحية في نقاشه لقضايا وأمور مهمة والتفاته لأمور في منتهى السطحية , كذلك تشمل هذه النظرة طريقة حكم الأفراد على الأخريين. دوماً المظهر مهم لدينا أكثر من أي شيء وكأن المظهر الخارجي يعكس حقيقة وجوهر ذلك الشخص.
وأوجه ذلك كثيرة والمتهم في ذلك الجميع سواء كانوا محافظين أو غير محافظين, ليبراليين أو غير ليبراليين....
ولأبرز هذه النظرة السطحية لدى هذه الأطراف سأسلط الضوء على
مسألة الحجاب والصورة المثالية لدى كل فئة.

بالنسبة للفئة المحافظة:
الصورة المثالية لديهم هي تغطية كامل الجسد مع تغطية الوجه لذا فمن تلتزم بذلك فهي ملتزمة بأمور دينها ومحترمة لديهم. وكأن الإلتزام بتعاليم الدين متوقف فقط على قطعة من القماش!!
وكثيرة هي الحالات التي أثبتت عدم صحة هذه النظرة ولن أخوض في ذلك لأن ما يهمني هنا هو ليس إثبات خطأهم , بقدر ما تهمني طريقة تعاملهم مع من لا تلتزم بصورتهم المثالية تلك.
دوماً هنالك نظرات إستغراب ودهشة و تعجب حينما تهتم إمرأة لا تغطي وجهها أو لا تتحجب إطلاقاً, بالصلاة, أو حينما تهتم بالسؤال عن مسألة دينية. لا أعرف هل هي أصبحت غير مسلمة حينما لم تتحجب أم أن الصلاة واجبة فقط على المتحجبات؟!!.
وحتى في مسألة شرف وعرض المرأة تجدهم يخوضون في عرض تلك المرأة لمجرد أنها لم تلتزم بصورتهم المثالية للحجاب. الآ يفرض عليكم إلتزامكم بالحجاب عدم الخوض في أعراض المؤمنات أم أنكم تناسيتم ذلك؟!! أم أن قطعة القماش تلك أعطتكم الحق في هتك أعراض المؤمنات.

الفئة الأخرى: الغير محافظة أو الليبرالية:
الصورة المثالية لديهم هي عدم الإلتزام بالحجاب لأنهم يرون في ذلك تخلف ورجعية ومن تلتزم بهذه الصورة المثالية هي امرأة عصرية, منفتحة, مثقفة...الخ
ولا أعرف هل هنالك علاقة بين المظهر الخارجي والثقافة والإنفتاح؟!! أم أن قطعة من القماش يمكنها أن تحجب العلم والثقافة وتقبل الآخر وبالتالي ينبغي التخلص منها؟!! ثم هل كل تحرر من الحجاب هو بالتالي تحرر من التبعية والإنقياد للآخر؟!!
معظم من لا يتقيدن بالحجاب يرفضنه لأسباب تتعلق كثيراً بالمجتمع والأعراف أي أنهن يفعلن ذلك كرمز للتحرر من قيود المجتمع وذلك جيد, لكن غالباً ما يكون هذا التحرر طفيف جداً فتجدهن يعارضن أمور كثيرة تصب في مصلحتهن ومصلحة بنات جنسهن وهذا يدل على عدم نضجهن ووعيهن التام بقضاياهم.
نعم هنالك مثقفات ممن لا يتقيدن بالحجاب وممن تسعد كثيراً حينما تتحدث معهن لكن عددهن ضئيل جداً مقارنة بمن لا يتقيدن بالحجاب, فالثقافة والإنفتاح مع الآخر والإهتمام بقضايا المرأة لا تتوقف على قطعة من القماش ومن السذاجة جداً الحكم على شخص لمجرد إلتزامه أو عدم إلتزامه بها.

شيء آخر يقع فيه كلا الطرفين أصحاب الفكر الليبرالي و أصحاب الفكر المحافظ وهو عدم إيمانهم بحق حرية الفرد في إتخاذ قراراته,
فأنت لا تملك الحق في إنتقاد أي امرأة سواء تقيدت بالحجاب أم لم تتقيد به , لكنك تملك الحق في إنتقادها إذا فعلت ذلك عن غير إقتناع منها بذلك كخضوعها للأعراف أو إذا تخلت عنه لأجل التبعية فقط.

هذا في مسألة الحجاب والحكم على الأخريين ولن أبتعد كثيراً عن مسألة الحجاب في نقاشي لسطحية المجتمع في طريقة نقاشه لقضاياه المهمة, لكن الحجاب الذي سأطرحه هو حجاب من نوع آخر, لا يحجب الجسد فقط بل يحجب بين الجنسين أي قضية الحجب بين الجنسين والإختلاط.
لا أعرف أي الأمور أشد خطراً على جامعاتنا قضية الإختلاط في جامعة كاوست أم الفساد المنتشر في جامعاتنا الناتج عن الواسطة والمحسوبية؟!!
كم كنت أتمنى ممن عارض وتحدث عن أضرار الإختلاط في كاوست أن يتحدث عن الفساد الإداري والمالي في جامعاتنا وأثر ذلك على البحث والإنتاج العلمي.
لا أعرف هل لأن الإختلاط شيء ظاهر يرونه أمام أعينهم و الفساد الذي يحدث في جامعاتنا شيء خفي لا يشعرون به؟!! أم أنهم اعتادوا عليه وبالتالي أصبحوا لا يؤمنون بضرورة القضاء عليه وعلى صورة المختلفة؟!
أعلم أن ما أقوله هو تكرار لما قاله غيري حول هذه القضية لكن أكثر ما يغيظني هو هذا الإهمال لمناقشة قضايا مهمة كقضية الفساد في الجامعات السعودية والتركيز على كاوست فقط.
اليست الواسطة والمحسوبية أكبر خطر على جامعاتنا؟ فحينما يتم تعيين أشخاص في مناصب مهمة في الجامعة إدارية أو أكاديمية على أساس الواسطة لا على أساس الكفأة الآ يؤثر ذلك سلباً على الجامعة على منسوبيها وعلى طلابها؟ الآ يعتبر ذلك خلل كبير؟ ثم الم يتنبه أحدكم إلى أن قضايا الفساد التي تحدث في جامعاتنا تتكرر بنفس السيناريو في الجامعات الأخرى وأن الفارق الوحيد بينهم هو مجرد إختلاف في الأسماء وأن ما يحدث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يحدث في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة؟!!
كم أود أن أذكر تفاصيل أكثر حول ذلك, تفاصيل حول ما شاهدته لا ما سمعته في جامعة الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى وعن مستويات الفساد في كلا الجامعتين لكني لا أستطيع ذكر كل ما شاهدته لأني أخشى أن أصاب بجلطة قبل أن أنهي كتابة هذه التدوينة
وكل ما أتمناه منكم هو أن تهتموا بجوهر الأمور في مناقشتكم وطرحكم للقضايا المهمة لأن ذلك ما نحتاجه.

أخيراً أعتذر إلى لجوئي لتصنيف الأشخاص في هذه التدوينة لم أود أن الجىء إلى ذلك لكني لجئت إليه حتى أوصل فكرتي.